يُعرف شهر رمضان، بأنه شهر صلة الرحم وتوطيد العلاقات مع العائلة والأصدقاء والأحباب، حيث تجتمع الأسر على مائدة الإفطار بشكل يومي طيلة الشهر الفضيل، الأمر الذي يُساهم في حصول تقارب بين الأبناء والآباء، بالإضافة إلى توطيد القرابة بين الإخوة وباقي أفراد العائلة، حيث يعتبر هذا الشهر، شهر المحبة ونشر قيم التسامح والإخاء.
وفي حوار مع يبرز عزوز التوسي، أستاذ علم النفس الاجتماعي، وأخصائي نفسي، أهمية صلة الرحم في شهر رمضان ودورها في تقوية الجانب النفسي، من خلال الإجابة عن الأسئلة التالية:
1- ماهي قراءتكم السوسيولوجية لصلة الرحم التي يواظب المغاربة عليها في شهر رمضان؟
في اعتقادي، أن صلة الرحم سواء كانت في شهر رمضان أو باقي الأشهر الأخرى، يمكن أن ننظر إليها من منظورين، هناك منظور سوسيولوجي وهناك منظور آخر، ذو طبيعة سوسيو نفسية، فمن المنظور السوسيولوجيا، نرى بأن صلة الرحم تدخل ضمن المعتقد، وكذلك ضمن العادات والطقوس، التي يمكن أن تصاحب بعد المناسبات، مثل الأعياد وبعض الأيام المقدسة، كشهر رمضان الكريم، وبالتالي فإن من الناحية السوسيولوجية، يعتبر هذا النوع من الثوابت والتقاليد، التي يرفعها البعض إلى مستوى الشعائر الدينية، بحيث يربطونها بالدين، ونحن نعرف بأن مجتمعنا، يعرف نوع من التمازج بين المعتقدات الاجتماعية والدينية إلى درجة حصول نوع من التداخل والترابط بينهما.
2 كيف تؤثر صلة الرحم في شهر رمضان على الفرد والمجتمع من الناحية النفسية؟
على المستوى السيكولوجي، صلة الرحم تلعب دورا أساسيا ومهما في توازن الشخصية، باعتبار أن الإنسان ينتمي إلى مجموعة من الجماعات، وهذا الانتماء لا يتحدد فقط على المستوى المؤسساتي، وإنما كذلك على المستوى الدينامي، بمعنى أخر، أن الانتماء إلى الجماعة، يحقق مجموعة من الإشباعات، وهذه الإشباعات تكون لحاجات أساسية، وهي التي تحدد الشخصية، أي أن الاستجابة لها، وإشباعها يحقق توازن الشخصية، والافتقار إليها وعدم إشباعها يخل بهذا التوازن، وبالتالي يمكن أن يسقط الفرد في مجموعة من الاضطرابات النفسية، التي يمكن أن تتباين بين الخفيف والحاد، الأمر الذي يجعل من صلة الرحم نوع من التجسيد لهذه الرغبة التي تكمن في إشباع الحاجة إلى الانتماء والحاجة إلى الآخر والجماعة.
وأكدت مجموعة من الدراسات، على أهمية ما يسمى بالموقع السوسيومتري للفرد داخل جماعة الانتماء، وخاصة الجماعات الصغرى، أو ما يسمى بالجماعات الضيقة، كالأسرة وزملاء العمل والفصل الدراسي وغيرها، وجماعة الانتماء وكما يسميها البعض بجماعة وجها لوجه، بحيث تحقق هذه الجماعة إشباعا مهما على المستوى النفسي، سواء فيما يتعلق بتقدير الذات أو فيما يتعلق بالشعور بالأمن، لأن الانتماء إلى الجماعة يعزز شعور الفرد بالسلم والطمأنينة، الذي تحدده مجموعة من الإجراءات، التي تشعر الشخص بنوع من السكينة، وهي من المقومات الأساسية التي ذكرها وأشار إليها مجموعة من السيكولوجيين ومن أهمهم، ماسلو في هرمه الحاجات، الذي أكد على أهمية الحاجة وإشباعها من أجل خلق التوازن النفسي لشخصية.
3- ماهي الفوائد النفسية لصلة الرحم في رمضان؟
صلة الرحم، هي من نوع من محاولة تأكيد مبدأ الترابط والانتماء إلى الجماعة، وهي كذلك نوع من تجسيد الشعور بالحاجة إليها، من أجل تحقيق إشباعها والوصول إلى الانتماء، الذي يكمن أهميته في أن الشخص لا يمكن أن يعيش خارج الجماعة، وبالتالي فإحساسه على أنه فردا أو عضوا في جماعة ما، وخاصة إذا كانت جماعة متكتلة وقوية، أي قوية بطاقتها الإيجابية ومشاعرها وانفعالاتها، فإنها تدكي شعوره بالقوة، وبالتالي يستشعر بالحاجة الأساسية إليها، وهذه الحاجة يغديها عبر الزيارات وصلة الرحم، وليس هناك مناسبة أفضل من هذه المناسبات الانفعالية، التي يتم تبادل الناس فيها الفرح والمحبة، مثل شهر رمضان من أجل تجسيد هذا الارتباط والانتماء، وهناك مناسبات أخرى يعم فيها الفرح كالأعياد والأعراس وغيرها من الأعياد والمناسبات السارة.
وحتى في المناسبات الألمية يحصل هناك نوع من التقارب بين الأفراد، مثل الوافيات والأمراض، التي تقوي العلاقات بين الناس، لأنه تكون هناك انفعالات قوية والجماعة تستشعر حاجتها إليها، من أجل تجسيد هذه المشاعر وتقاسمها سواء السار منها او المؤلم، لأن في نهاية المطاف، فهذه المشاعر تحقق نوعا من التفريغ والشعور بوجود السند ومن يتقاسم معانا هذه الاحاسيس، ورمضان كمناسبة دينية بما يحيط به من قدسية ومن خصوصية في الدين الإسلامي والمجتمعات الإسلامية منها المجتمع المغربي، فصلة الرحم لا يمكن إلا أن تشكل وأن تأجج وتقوي مشاعر الترابط بين الأحباب والأسر، لهذا يجب أن نحرص على تبادل الزيارات والتهاني، بالإضافة إلى القيام بتنظيم الإفطار الجماعي، لأن رمضان مناسبة تشكل فرصة مهمة بحمولاتها الدينية والثقافية والاجتماعية، لتجسيد الرغبة في الأخر والانتماء إلى الجماعة وتقاسم مشاعر الفرح مع الأخرين، وخاصة الجماعات التي نحبها وننتمي إليها مثل العائلة.

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا