دخل حزب الأصالة والمعاصرة في حالة غريبة مع قرب مؤتمره الوطني مطلع فبراير المقبل. فقد كان يتعين الإعلان عن لجنة تُقدم إليها ترشيحات الأعضاء الراغبين في تولي منصب الأمين العام للحزب، لكن وعلى مبعدة أسبوعين فقط من مؤتمره، لم يظهر أي مرشح، بل وحتى الأمين العام الحالي، عبد اللطيف وهبي، لم يبدر عنه ما يشير إلى رغبته في تجديد ولايته أو خلاف ذلك.
هل باتت أيام وهبي إذن معدودة داخل الحزب؟
جرت العادة في حزب الأصالة والمعاصرة على ألا يعاود الأمين العام المنتهية ولايته، فترة جديدة في منصبه. حتى أكثر الأمناء العامين قوة غادروا مع نهاية ولاياتهم، أو قبل ذلك.
يصر سمير كودار، نائب الأمين العام للحزب، في تصريحاته لوسائل الإعلام، على القول إن مرشحا متوافقا عليه سيظهر مع الأيام الأخيرة قبل المؤتمر، أو “في الأسبوع الأخير” كما أشار على وجه التحديد. في الواقع يشُك قادة بالحزب في حدوث ذلك بالطريقة التي يُصورها كودار. فـ”المناقشات المفترض أن تجري حول هذا المرشح الموحد، غير قائمة في الوقت الحالي”، وفقا لمصدر مطلع. كذلك، فإن أيا من القادة البارزين في الحزب لم يعبر عن رغبته في الترشح. بهذه الكيفية “من الصعب الحديث عن مرشح موحد إلا إن كان سيؤتى به من خارج الحزب”، كما يستدرك مصدر قبل أن يضيف مشددا: “في الغالب هذا ما يقصده كودار”.
لكن كودار رفيق شديد الولاء لفاطمة الزهراء المنصوري، التي طالما وُصفت بـ”المرأة الحديدية” في الحزب، وهي رئيسة المجلس الوطني. من السهل الاعتقاد بأن الرجل يدعم توجها يفرض زميلته في الحزب أمينة عامة. مع ذلك، فإن المنصوري لم تُبد رغبتها بشكل علني، في خلافة وهبي. لكن الطريقة التي يتحرك بها أنصارها على مستويات القيادة، تشير إلى تحضيرات جدية لجعل المنصوري أول سيدة تقود هذا الحزب منذ تأسيسه عام 2009.
كان البيان الصادر عنها إثر توقيف كل من سعيد الناصري وعبد النبي بعيوي، القياديان البارزان في الحزب على ذمة قضية مخدرات، يؤشر على قدرتها على السيطرة، لكن في الأسبوع الموالي، سيصدر بيان موقع باسم الأمين العام للحزب حول القضية نفسها، في محاولة لإقامة توازن بين السلطتين القائمتين داخل الحزب.
تركت هذه القضية تأثيرا كبيرا على الحزب عشية مؤتمره الوطني. ولقد غطت على كل الترتيبات الأخرى. فالرهانات المتوقعة من هذا المؤتمر ضئيلة، ومرت ترتيباته حتى الآن دون أي ضجة تذكر. في هذا الصدد، يتعين التشديد على أن كودار يسيطر بشكل رئيسي على تحضيرات المؤتمر، يساعده في ذلك، المهدي بنسعيد، وزير الثقافة الحالي.
هذه الحالة التي دخلها الحزب ليست جديدة عليه، فقد ظهرت في الفترة التي سبقت إعلانات ترشيح شخصيات لم تكن في الحسبان، على رأس الحزب. يتكهن البعض بأن الأمر نفسه سيعاود الظهور هذه المرة. شخصية غريبة عن الحزب في الوقت الحالي، بشكل أو بآخر، ستتسلم مفاتيح الحزب في هذه المرحلة.
مع ذلك، يأمل قياديون في الحزب ألا تتكرر تلك الظاهرة. وبطريقة أو بأخرى، فإن حسم مستقبل هذا المنصب مرتبط بالأسلوب الذي طالما جُرب في هذا الحزب، حيث يقف الجميع منتظرين الكلمة الأخيرة من المكان البعيد جدا.. عن المؤتمر.

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا