أفلحت الضغوط التي مارسها مجلس المنافسة منذ السنة الماضية على الشركات الخاصة والمؤسسات الحكومية التي تفرض رسوما إضافية على المواطنين الذين يؤدّون فواتيرهم عن طريق الأنترنت، في إنهاء هذه الممارسة.
ومع مطلع السنة الجارية، أقدمت شركات على إلغاء الرسوم الإضافية على الفواتير المؤداة بشكل إلكتروني، ومنها إحدى الشركات الأجنبية المكلفة بتدبير قطاع الماء والكهرباء والتطهير السائل، دون التأكد إن كانت جميع الشركات المعنية قد امتثلت لقرار مجلس المنافسة، حيث تعذر التواصل مع رئيس المجلس.
وإذا كان الضغط الذي مارسه مجلس المنافسة قد أتى ثماره، فإن المبالغ المالية الكبيرة التي استخلصتْها الشركات المعنية من المواطنين، “بشكل غير قانوني”، على مدار سنوات، ما زالت محطَّ نقاش، ذلك أن “عدم قانونيتها” يفتح المجال أمام المستهلكين لطلب استرجاعها.
وتصل المبالغ المالية التي كانت تستخلصها مجموعة من الشركات والمؤسسات الحكومية من المواطنين نظير أداء الفواتير إلكترونيا إلى ملايين الدراهم شهريا، بحسب إفادة رئيس مجلس المنافسة، أحمد رحو، في تصريح سابق، ما يعني أن الشركات المعنية قد راكمت أموالا طائلة من هذه العملية.
وبالرغم من خفوت النقاش حول ملايين الدراهم التي استخلصتها الشركات والمؤسسات بشكل غير مبرر من جيوب المغاربة، فإن هذا الموضوع ما زال مطروحا ضمن برنامج عمل الجامعة المغربية لحقوق المستهلك، حيث أكد رئيسها، بوعزة الخراطي، أن الجامعة تطمح إلى القيام بحملة لإرجاع تلك الأموال إلى أصحابها، نظرا لعدم قانونية استخلاصها.
من الناحية القانونية، تبقى هذه العملية ممكنة، لكنها تظل رهينة بشرط تقديم كل مستهلك شكاية في الموضوع إلى الشركة أو الشركات التي كانت تستخلص منه رسوما غير قانونية مقابل أداء الفواتير إلكترونيا، مع تقديم وثائق تثبت أنه كان “ضحية” لهذه الممارسة، بناء على مقتضيات القرار الذي أصدره مجلس المنافسة.
وفي حال عدم استجابة الشركة المعنية لطلب استرجاع المبالغ المقتطعة، يوضح بوعزة الخراطي، يتم اللجوء، في المرحلة الثانية من المسطرة، إلى رفع دعوى قضائية ضد الشركة، مشيرا إلى أن الجامعة المغربية لحقوق المستهلك مستعدة لأن تكون طرفا في هذه الدعاوى بهدف استرداد حقوق المستهلكين.
وكان المستهلكون الذين يؤدون فواتيرهم بشكل إلكتروني يدفعون رسوما إضافية، دون أن تكون هذه الرسوم محطّ انتباه، إلى أن أصدر مجلس المنافسة بلاغا بتاريخ 16 ماي 2023، أكد فيه أن هذه الرسوم “غير مبررة من الناحية الاقتصادية، ومن شأنها عرقلة حرية المنافسة في الأسواق المعنية، من خلال منح امتيازات غير مستحقة لبعض الفاعلين، تمكنهم من تعزيز مكانتهم داخل هذه الأسواق على حساب المستهلكين”.
وفسّر بوعزة الخراطي عدم انتباه المستهلكين لعدم قانونية الرسوم الإضافية المطبقة على أداء الفواتير عبر الإنترنت، بكونهم وجدوا أن الأداء الإلكتروني يسّر هذه العملية، إضافة إلى “الجهل بالقانون”، منوّها بالعمل الذي قام به مجلس المنافسة، الذي اعتبر أنه “يشهد تطورا منذ تعيين رئيسه الحالي”، وأن المؤسسة “تؤكد أنها تدافع عن حقوق المستهلك”.
وأبرز المتحدث ذاته أن هناك حاجة إلى إضافة مهمّة الدفاع عن حقوق المستهلك إلى مجلس المنافسة، “وذلك بهدف حماية المستهلك من المنبع، على غرار ما هو معمول به في بلدان أخرى، مثل بولونيا وفرنسا”، موردا أن هذا الإجراء سيمكّن من الاشتغال على أهداف محددة، علاوة على أن تولي مجلس المنافسة مهمة الدفاع عن حقوق المستهلك سيكون له أثر أكبر، “لأن المواطنين يثقون أكثر في المؤسسات مقارنة مع جمعيات المجتمع المدني التي لا يُنظر إليها كلّها بشكل إيجابي”.

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا