قدم محمد أوزين، الأمين العام لحزب الحركة الشعبية (معارضة) تبريراته للتنازلات التي قدمها لفائدة الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية (معارضة)، بعدما تخلى عن منصب رئيس لجنة العدل والتشريع بمجلس النواب، مكتفيا بلجنة البنيات الأساسية، وهي لجنة من الناحية التراتبية، أقل أهمية من لجنة العدل التي تعد من بين اللجان الرئيسية في البرلمان.
حزب الحركة الشعبية تولى رئاسة لجنة العدل والتشريع بعد تخلي الاتحاد الاشتراكي عنها في الماضي. لكن رئيسها الذي قدمه الحزب العام الفائت، سرعان ما جرى اعتقاله على ذمة قضايا فساد مالي، ويتعلق الأمر بمحمد مبديع الذي كان وزيرا للوظيفة العمومية في حكومة عبد الإله ابن كيران (2012-2016).
يشار إلى أن الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية يعد أول حزب في المعارضة من حيث تعداد أعضاء فريقه في مجلس النواب (35 نائبا وفق نتائج انتخابات 2021)، يليه فريق الحركة الشعبية بـ29 نائبا. لكن هذا التعداد الخاص بالحركة الشعبية سرعان ما تدهور أكثر بسبب اعتقالات لنواب منه، أو إسقاط لعضوياتهم من لدن المحكمة الدستورية.
تسببت الخلافات بين الحركة الشعبية والاتحاد الاشتراكي حول رئاسة هذه اللجنة في تجميد أنشطة مجلس النواب منذ افتتاح دورته الربيعية مطلع هذا الشهر. وعلى غير العادة، تدخلت فرق الأغلبية الحكومية في المشكلة، وبشكل علني، لتقريب وجهات النظر بين الطرفين اللذين ظلا يتمسكان بموقفهما طيلة الفترة الماضية.
وفقا لبيان الحركة الشعبية، الاثنين، فقد تنازل فريقها في مجلس النواب عن لجنة العدل والتشريع « إثر المناشدة الجماعية التي تم توجيهها للفريق الحركي، من أجل تقدير دقة الوضعية والتعاطي بكثير من السُّمُو مع هذا الموضوع الخلافي، مع التماس أن تكون الحركة الشعبية جزءًا من الحل »، مستحضرا ما خلفه تعثر مجلس النواب في ممارسة أشغاله جراء تأخر العديد من الفرق البرلمانية في معالجة خلافاتها في الحسم في رؤسائها وممثليها في مكتب المجلس ».
أشار الحزب في هذا الصدد، إلى « مساعي رئيس مجلس النواب، والحرص التوفيقي والتوافقي الموصول للأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية »، في الوصول إلى حل لهذا الخلاف الحاد.
تبعا لذلك، « أعرب الفريق الحركي عن تفهمه للوضعية وعن تقديره لكل المساعي الحميدة بهذا الشأن، وعبر عن انخراطه في روح التوافق البناء المنشود بمجلس النواب، حفاظاً على تماسك الأجهزة والهياكل بالمجلس وترفعا منه عن الحسابات السياسوية الظرفية والضيقة »، مذكرا خلال الاجتماع، أن « تشبثه بلجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان ليس بدافع البحث عن موقع بل استحضارا منه لحقه الدستوري المشروع على ضوء نقاش دستوري وقانوني مغلف بخلفيات سياسوية شابه الكثير من الخلط في النقاش العمومي بشأن التصويت على اللجان الدائمة ».
وشدد الحزب على أن موقفه « نابع عن قناعة راسخة تستحضر مصلحة المؤسسة التشريعية رغم أحقية الفريق الحركي في مواصلة التنافس الديمقراطي حول رئاسة هذه اللجنة باعتباره مكونا أساسيا في المعارضة الوطنية والمؤسساتية، وبحكم الأساس الدستوري والقانوني المحدد لكيفية الحسم في رئاسة هذه اللجنة واستنادا على الضوابط والقواعد المؤسسة من قبيل ضرورة الفصل بين التمثيل الديمقراطي المحدد في الفصل 11 من الدستور في منطق الاقتراع والانتخاب، » وبين التمثيل النسبي الذي له طابع إجرائي في تحديد المهام في مكتب المجلس حصريا وفي ممارسة المهام الرقابية والتشريعية والتقييمية، وكذا التمييز بين كيفية انتخاب أعضاء مكتب المجلس من جهة وكيفية انتخاب رؤساء اللجان الدائمة من جهة أخرى، وهو الفصل الصريح بالسند الدستوري وبموجب النظام الداخلي لمجلس النواب كما النظام الداخلي لمجلس المستشارين، وبالممارسات الفضلى المسجلة في تاريخ البرلمان منذ المصادقة على الدستور الجديد، حيث نصت المقتضيات الدستورية والقانونية ذات الصلة خاصة المادة 62 من الدستور على إعمال التمثيل النسبي في انتخاب أعضاء مكتب المجلس فقط وليس اللجان الدائمة، وهو ما فصلته المادة 89 من النظام الداخلي لمجلس النواب، والتي نصت بصريح العبارة على انتخاب رؤساء اللجان الدائمة بالاقتراع السري، كما لم يرد في الدستور ولا النظام الداخلي لمجلس النواب، ما يشير صراحة ولا تلميحا إلى إعمال مبدأ التمثيل النسبي ولا ترتيب في رئاسة اللجان الدائمة، علما أن المشرع الدستوري خصص لجنة العدل والتشريع بشكل حصري للمعارضة بعيدا عن منطق النسبية، بل إن المادة 70 من النظام الداخلي لمجلس النواب حصرت حق الترشيح لرئاسة هذه اللجنة لنائب أو نائبة من المعارضة وليس حتى من فرق المعارضة، بما يضمن للمجموعات أو اللامنتمين من نواب ونائبات المعارضة حق الترشح لهذه المسؤولية كما منح للمعارضة أسبقية الترشح للجنة مراقبة المالية العامة ».
وخلص إلى أن « الجنوح لروح التوافق (…) رسالة يهدف من خلالها حزب الحركة الشعبية إلى إعطاء صورة حقيقية عن المعارضة الحركية التي تراهن على الغايات النبيلة للعمل المؤسساتي، والمساهمة في تصحيح الصورة النمطية والسلبية السائدة حول المؤسسة التشريعية التي تغذيها مع الأسف بعض الممارسات والتأويلات المخالفة للواقع ».

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا